ضباب يغشى نافذتي الوحيدة
استكثر عليّ متعة النظر
وضيف ليلي ماعاد كسالفه
قد غاب من أزقته القمر
حفيف أوراق بعيدة، يتمتم
في مخبأ الذكريات
تعالي آنسيه واصفري بقلبه
قد ضجر صراخ الأغنيات
مدفأة تغطت بوشاح الثلج
أعياها برود قلبي ومشاعر الصقيع
بعيدٌ أنا عن دفءِ القلوب
قد اعتزل أنسي الجميع
كل من حولي يرقصون ،يغنون
يتهارجون تحت المطر
صبايا الحيّ الجميلات قد التحفن
المعاطف السميكة
ولا شيء يعجبني بهذا الجنون
ولست أقتنع بقدوم الشتاء
لاشيء يفسر هذا الغموض
حبات المطر لا تروي جدبائي العطشى
فيروز وشتاؤها القادم
وثلجها ومظلتها وانتظارها
على مفارق العشاق
لا تقنعني بقدوم الشتاء
مازلت في الشوارع منتظراً
أراقب العيون الجامدة
أراقب الحافلات المسرعة
خوفاً من بلل الماء
مازلت ذاك الطفل يستقبل ويودع
الغيوم المهاجرة
يلوح بيديه الباردتين
يصافحُ برد الصباح
يرتع بزاوية الأمسِ
يبكي ظلم الرياح
ومازلت لا أهوى الشتاء
مازلت في دكاني منتظراً
قدوم الكستناء
ولاشيء يجذبني ولا شيء يعنيني
لاشيء يعجبني بالشتاء
لعلي فقدت شغفي يومها
لعلّي نمت عاريا ليلتها
تحت سقف الشتاء
وتأتي تلك الجميلة
شرقيةٌ ملامحها، باردةٌ مشاعرُها
تضطرب بمشيتها على استحياءٍ
تعلو وتعلو وتمدُّ لي خيوطها
تغطيني بلحافها الحنون
وأنا أرفض الدفء
أصفعها عن قلبي عن عقلي
المجنون
ولاشيء يقنعني ولا شيء يجذبني
ولا شيء يعنيني وإن أقبل الشتاء
وترتفع في مآذننا التكبيراتُ
وتُتلى صلوات الإستسقاء
تقرعُ الأجراسُ مبتهجةً
تحتفل بهطول الثلج
تلعب وتغني، تبتهج
وترسمُ ابتسامتها البيضاء
ويأتي الميلادُ، ولا ميلاد لي
ولا شجرةَ زيتونٍ
ولا قمحَ لي في بلاد الغيم الأشعث
كيف اقنع نفسي أن الشتاء
بعيد ، بعيد عن قلبي
عن وطني، عن خيام القاطنين
خلف جدار الريح
كيف للطيورِ أن تستريح
لا أريد أن أقتنع
فالثلجُ بعيدٌ، والغيم رحل مع الأمس
لا شيء في بلادي يطمئن
لا شيء يؤنسُ وحشتي
لاشيء يقنعني ، ولكن
دموع الأطفال المتجمدة
نظراتهم البائسة خالطتني
لامست هشاشتي
ولا شيء يقنعني
كلّي في سباتٍ لا أستفيق
رذاذ الرصاص المتجمد المنهمل
على خيامي أقسى أن يقاومه
الوشاح الرقيق
كلي في سباتٍ لا أريد أن أستفيق
دعوني لا تصدروا صوتا
دعوا الشتاء نائما بأحضاني
دعوه تائهاً يستدلُّ عنواني
واتركوا الشمس للصباح
للأطفال ، للعجائز قد نخر الثلج
عظم البنان
دعوا الشتاء يستريح في مضاربنا
دعوه يغفى بمضاجعنا
دعوه كي لا يستفيق...
دعوه لا يستفيق...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق