يَا إِلَهِي ، إِنِّي رَأَيْتُ الدَّوَاهِي
تَتَوَالَى عَلَى فُؤَادٍ سَاهِ
عَبْقَرِيِّ الْجَوَى ، شَفِيفٍ ، رَقِيقٍ
سَرْمَدِيِّ الأَسَى ، ضّعِيفٍ ، وَاهِ
يَا إِلَهِي ! ، وَمَا رَأَيْتُ سِوَاهَا
تَعْتَرِيني فِي غَفْوَتِي وَانْتِبَاهِي
عَابِثَاتٍ عَلَى الدَّوَامِ بِحِسِّي
عَازِفَاتٍ بِلَحْنِهِ الأَوَّاهِ
عَاصِفَاتٍ مُفَزِّعَاتٍ لِقَلْبِي
سَاخِرَاتٍ مِنَ الشَّبَابِ الزَّاهِي
***
وَيْحَ قَلْبِي ! ، وَمَا عَسَاهُ يُغَنِّي
بِالأَغَانِي ، وَبِالْحَيَاةِ يُبَاهِي
أَيُّ لَحْنٍ ؟ ، وَقَدْ أَفَاضَتْ عَلَيْهِ
بِالأَمَانِي وَبِالشُّجُونِ السَّاهِي
صَارَ يَشْدُو كَأَنَّ وَحْياً أَتَاهُ
مِنْ سَمَاءٍ تُفْضِي إِلَيْهِ الدَّوَاهِي
فَإِذَا طَارَ بَيْنَ غُصْنٍ وَغُصْنٍ
ظَلَّ يَشْدُو كَالْبُلْبِلِ التَّيَّاهِ
***
وَيْحَ قَلْبِي! ، وَقَد تَّمَادَى يُغَنِّي
نَغَماً – حَائِرَ الْمَعَانِيَ – لاهِ
يَتَغَنَّى ، وَالدَّمْعُ يَنْسَابُ يُنْبِي
عَنْ مَعَانٍ كَئِيبَةٍ لِلشِّفَاهِ
أَيُّ سِرٍّ فِي شِعْرِهِ الْمُتَسَامِي ؟
يَتَغَنَّى مَا بَيْنَ دَاعٍ وَنَاهِ
أَيُّ سِرٍّ فِي شَدْوِهِ الْمُتَبَاكِي ؟
أَيُّ شَجْوٍ فِي فَنِّهِ الْمُتَنَاهِي ؟
***
هَلْ تُرَانِي وَقَدْ غَدَوْتُ وَحِيداً
بَائِساً ، شَارِداً ، حَزِيناً ، وَاهِ
أَتَلَهَّى بِفِتْنَتِي عَنْ شَقَائِي ؟
أَتَلَهَّى مَعَ الشُّعُورِ السَّاهِي ؟
فَأُعَانِي وَأَنْطَوِي فِي عَنَائِي
أَتُرَانِي مَعَ الْعَنَاءِ أُبَاهِي ؟
هَلْ تُرَاكَ مُعَانِدِي يَا فُؤَادِي ؟
أَمْ تُرَاكِ تُغَرِّدِي يَا شِفَاهِي !
***
لَيْتَ أَنِّي فِي ذَلِكَ الْكَوْنِ نُورٌ
أَتَبَاهَى عَلَى الظَّلاَمِ بِجَاهِي
فَأُضِيءُ الظَّلاَمَ مِنْ نُورِ قَلْبِي
فإِذَا الْكَوْنُ فِي صَبَاحٍ زَاهِ
لَيْتَنِي كُنْتُ فِي الْوُجُودِ شِهَاباً
سَرْمَدِيًّا مُوَجَّهاً لِلدَّوَاهِي
شَزَراً حَارِقاً يَطِيرُ إِلَيْهَا
ثَاقِباً ، خَارِقاً ، عَظِيمَ التَّنَاهِي
يَحْرِقُ العَابِثَاتِ أَنَّى رَآَهَا
يَحْتَوِيهَا فِي حَجْمِهَا الْمُتَنَاهِي
***
لَيْتَ أَنِّي علَى الْحَيَاةِ أَمِيرٌ
آَمِرٌ فَوْقَ الْحَادِثَاتِ وَنَاهِ
زَادَهُ الزُّهْدُ فِي الْحَيَاةِ جَمَالاً
وَجَلالاً ، وَعِزَّةً فِي النَّوَاهِي
فَإِذَا سَارَ فَالْوَقَارُ عَلَيْهِ
يَتَجَلَّى في ثَوْبِهِ الْمُتَوَاهِي
يَحْصُدُ الظُّلْمَ وَالشَّقَاءَ وَيَمْضِي
يُسْبِغُ الْحُبَّ ، وَالنَّقَاءَ الإِلَهِي
لَيْتَ أَنِّي رُوحٌ جَمِيلٌ تَعَالَى
فِي فَضَاءٍ مِنَ الصَّفَاءِ الزَّاهِي !
***
يَا إِلَهَ الْوُجُودِ هَذَا رَجَائِي
يَتَسَامَى عَنْ كُلِّ مَالٍ وَجَاهِ
يَا إِلَهَ الْوُجُودِ هَذَا نِدَائِي
بَيْنَ قَلْبِي ، وَلَوْعَتِي وَشِفَاهِي
لَكَ أَشْكُو مِنْ لَوْعَتِي وَضَلاَلِي
فِي فِجَاجٍ كَثِيرَةِ الاشْتِبَاهِ
أَنْتَ نُورٌ يَسْمُو بِرُوحِي وَعَقْلِي
عَنْ ضَلاَلِي ، وَعَنْ وُجُودٍ سَاهِ
لَكَ أَشْكُو مَذَلَّتِي وَهَوَانِي
فِي جَحِيمٍ مِنَ الْقُنُوطِ الْوَاهِي
لًكَ أَبْكِي ، وَمَا دُمُوعِي إِلاَّ
مِنْ صَفَائِي وَخَشْيَتِي وَانِتِبَاهِي
يَا إِلَهِي ! ، إِنِّ سَئِمْتُ اغْتِرَابِي
بَيْنَ نَفْسِي ، وَبَيْنَ قَلْبٍ لاَهِ
يَا إِلَهِي ! ، وَمَا فَصَدتُ سِوَاكَ
كُنْ لِقَلْبِي فِي مِحْنَتِي ، يَا إِلَهِي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق